الجمعة، 27 فبراير 2009

علاء عبدالحميد ناجي

صديقي انفصل مؤخرا عن الفتاة التي أحب وأراد الارتباط بها، لأن فترة الخطبة طالت كثيرا حتى جاوزا الثلاثين دون أمل في الزواج، ليس السبب هذه المرة مادياً فالحال لدى الاثنين ميسور ولكن السبب هو شيء آخر. أم صديقي سعودية أباً لجد، مثقفة، وعملت معلمة لمدة تقارب الثلاثين عاما، وعندما أرادت أن تتزوج اختارت زوجا رائعا فهو مفكر وأديب وكاتب مسرحي له اسمه، ولكنه لم يكن سعوديا، وسبب عدم تمام زواج صديقي من خطيبته هو أنه على الرغم من أن أم صديقي سعودية وأنه أمضى عمره كاملا هنا في المملكة إلا أنه ليس سعوديا، والفتاة التي يريد الارتباط بها سعودية وأبوها يشترط ألا يتم الزواج حتى يتحصل صديقي على الجنسية.
وفقا لنظام الجنسية السعودي فإن من ولد لأم سعودية وأب أجنبي، يعتبر غير سعودي ولكنه يحق له اكتساب الجنسية السعودية إذا ما تقدم بطلبه بعد سن الرشد بعد تحقق شروط معينة، هذا في حال كونه ذكرا، أما إن كان أنثى فالحصول على الجنسية لا يتم حتى تتزوج من سعودي ومضي مدة زمنية معينة.قبل أن أناقش مواد النظام من وجهة نظر قانونية جافة أود أن أضع سؤالا يحيرني، وهو: لماذا هذه التفرقة ابتداء بين ابن السعودي من أجنبية وبين ابن السعودية من أجنبي؟ لماذا يعتبر الثاني أجنبيا بينما يعتبر الأول سعوديا؟ وما هي الميزة التي سيمنحها الأب والتي لا يمكن للأم أن تمنحها لابنها؟ أليس في هذا إجحاف بحق المرأة؟ هل يتوافق هذا النظام مع نص النظام الأساسي للحكم بشأن الأسرة واعتبارها نواة المجتمع؟ أليس لهذا القرار دور في ارتفاع نسبة العنوسة عندنا؟ما هو إحساس الأم السعودية وهي تلد ابنا بنصف مستقبل، لا لشيء إلا أن أباه يحمل جنسية أخرى؟ فابنها ستكون فرصته أقل في اختيار المدرسة التي يرغبون في إلحاقه بها لأن الأولوية للسعوديين، وابنها سيكون غاية ما يصل إليه من التعليم هو الثانوية العامة، حيث إن الجامعات السعودية بالكاد تقبل السعوديين فكيف تقبله وهو غير سعودي؟ قد تأتي الإجابة مسرعة بأنه بمجرد بلوغ سن الرشد فإن له الحق في أن يقدم على الجنسية. أقول التقديم لا يعني الحصول عليها مباشرة، لأن الإجراءات تأخذ سنوات طوالاً ما بين إمام المسجد والعمدة وصحيفة السوابق والجوازات وتقص المعلومات وطلب الشهادات. وأنا شخصيا أعلم عن حالات استمرت سنوات قبل أن يتحصل الرجل على الجنسية، وفي حالة صديقي المذكور فإنه لم يتقدم مع سن الرشد ولكنه في هذه الإجراءات منذ سنوات وهي بالكاد تتحرك خطوة واحدة للأمام كل عام.كيف ستنمي الأم في الابن حس المواطنة، وهو يشعر أنه أقل من حيث الحقوق من ابن خاله أو قريبه على الرغم من أن أمه سعودية وأنه ولد في السعودية وعاش وتربى في السعودية، وحتى في هذه لماذا يكون حظ الابن الذكر أفضل من الأنثى في الحصول على الجنسية؟ إن اشتراط ارتباطها بسعودي، يعني أن السعودي الذي يريدها لابد أن يحصل على إذن زواج من أجنبية قبل أن يفعل، ولابد ألا يكون عسكريا أو دبلوماسيا يمثل المملكة. ولماذا يمنع ذلك وهي بنت الوطن أما وولادة ونشأة؟ لماذا يكتب عليها أن تدخل في سجل العنوسة مبكرا، أو أن تكمل المسيرة وتتزوج من غير سعودي أيضا وبالتالي يحكم على نسلها بذات الحكم؟لماذا يحكم على هذا الابن أو هذه الابنة أن يكون تحت حكم كفيله وأن تنطبق عليه أحكام، هو والدولة في غنى عنها، لماذا يبقى عرضة للترحيل إلى بلد أبيه الذي من الممكن أنه لم يزره ولا يعرفه.أستغرب حقيقة ممن يصدح بأعلى صوته بالدفاع عن حقوق المرأة والدعوة إلى مشاركتها في عجلة التنمية وتطوير المجتمع، ويلتفت عن موضوع مهم كهذا الموضوع الذي يجب أن يطرح للنقاش، لأن فيه انتقاصاً من المرأة لكونها امرأة فقط، فحتى اللائحة التنفيذية للنظام تجعل الحصول على رسالة الدكتوراه أهم من الأم، فوفقا لنظام النقاط الجديد، الأم السعودية تعادل نقطتين فقط بينما شهادة الدكتوراه تعادل إما 10 أو 13 نقطة بحسب التخصص.كما أن النص في اللائحة التنفيذية للنظام ملبس فيما يتعلق بالنقاط بالنسبة للمتقدمين وفقا للمادة (9) من النظام، حيث إنه قد تم رصد نقاط عن الأم السعودية والجد لأم السعودي، فهل يعني هذا إضافة شرط جديد للحصول على الجنسية وفقا للمادة (8) أم إنه غير ذلك؟ وإذا كان شرطا جديدا فإن ذلك يعني أنه من شبه المستحيل أن يتحصل المتقدم على الجنسية بعد سن الرشد مباشرة لأنه لن يكون لديه شهادة بكالوريوس أو ماجستير أو دكتوراه في سن الثامنة عشرة، وبالتالي فإن مجموع نقاطه سيكون كالتالي:إقامة عشر سنوات في المملكة (10) نقاط.الأم وأبوها سعوديان (3) نقاط.وستكون النتيجة بالتالي حفظ الطلب لأن مجموع النقاط لن يصل للحد الأدنى الذي يسمح بالنظر فيه وهو (23) نقطة، ولم أجد في اللائحة ولا النظام ما يزيل هذا اللبس الحاصل.وكل ما سلف يتحدث عن الشخص الصحيح، أما المعاق جسديا أو ذهنيا، فالمسألة له أشق وأصعب. أخيرا أقول لقد احتضن هذا الوطن بقلبه الكبير شعبا كاملا في أزمته، وما عمليات فصل التوائم للقاصي قبل الداني إلا نموذج عن عطاء هذا البلد، وهذا الحضن الدافئ أكبر من ألا يشمل أبناء المواطنات المتزوجات من غير سعودي.*نقلا عن جريدة "الوطن" السعودية

هناك تعليق واحد:

  1. أقوم بعمل تحقيق صحفي عن حقوق أبناء السعوديات المتزوجات بأجانب وكنت أود أن تشاركيني برأيك فهو هام بالنسبة للتحقيق علما بأن التحقيق سينشر في موقع مداد التابع لمركز مداد الدولي للبحوث والدراسات بجده
    مروة رسلان
    marwa_rslan@live.com

    ردحذف